التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
يُعَدُّ حدث فتح القسطنطينيَّة أحد أهمِّ الأحداث في تاريخ الدنيا، ومن الطبيعي أن يكون العالَم شيئًا قبل فتح القسطنطينيَّة، وشيئًا آخر بعد فتحها.
العالم بعد فتح القسطنطينية
يُعَدُّ حدث فتح القسطنطينية أحد أهمِّ الأحداث في تاريخ الدنيا، وليس من فراغ أن يتناول رسول اللهِ ﷺ، وهو آخر الأنبياء، وكلماته هي الرسائل الأخيرة الموجَّهة من الله إلى عباده، ليس من فراغ أن يتناول هذا الحدث بالتصريح، فيُعلِّق على فتحها، ويُناقش مع صحابته -وأمَّته من بعدهم- طبيعة الجيش الفاتح لها، وعلاقة فتحها بفتح روما، وما إلى ذلك من أمورٍ تلفت الانتباه إلى عِظَم المسألة.
ومن الطبيعي أن يكون لمثل هذا الحدث الكبير آثارٌ عظيمةٌ على كلِّ المستويات، ومن الطبيعي أن يكون العالَم شيئًا قبل فتح القسطنطينيَّة، وشيئًا آخر بعد فتحها، وفي هذا المقال سنُناقش باختصار بعض الآثار لهذا الحدث الكبير.
على مستوى الدولة العثمانيَّة نُقِلت الدولة نقلةً نوعيَّةً على كلِّ المحاور؛ فالحالة المعنويَّة للقيادة والجيش والشعب كانت في السماء، وكانت الطموحات كبيرةً للغاية، وليس مستغربًا أن يكون طموح الدولة بعد فتح القسطنطينية كبيرًا إلى درجة الرغبة في فتح روما نفسها! فيكون العثمانيُّون بذلك فاتحي معقل الأرثوذكسيَّة في القسطنطينيَّة، ومعقل الكاثوليكيَّة في روما، ويكونون بذلك -أيضًا- محقِّقي البشارة النبويَّة بشقَّيها: فتح القسطنطينيَّة وروميَّة! هكذا كان الطموح، ولم يكن هذا الطموح خفيًّا في نفوس الأمراء والقادة، بل كان معلنًا بوضوح، بل كان معلنًا أمام الأعداء، على الرغم من أنَّ هذا قد يُثير الغرب، ويدفعهم إلى التكتُّل في مواجهة الدولة، ولقد رأينا في رسالة محافظ جالاتا إلى أخيه أنَّه يُحذِّره من أنَّ السلطان محمد الفاتح يرغب في فتح روما ذاتها، ويبدو أنَّ الثقة عند العثمانيِّين كانت عظيمة بعد انتصارهم في القسطنطينيَّة؛ فما عادوا يكترثون بردود الفعل عند الأوروبِّيِّين، خاصَّةً أنَّ آخر صدامين مع الكاثوليك؛ في ڤارنا 1444م، وكوسوڤو 1448م، كانا في صالح العثمانيِّين.
ولم تكن هذه الثقة التي داخلت رجال الدولة دافعًا لهم إلى التكاسل أو التواكل، بل زادت قوَّة الدولة بعد الفتح في كافَّة المجالات؛ فقد زاد اهتمام القيادة بالتسليح، وأنشئوا المصانع الخاصَّة بذلك كما مرَّ بنا، وزادوا من قوَّة الأسطول، ومن عدد الجيش، وعلى المستوى الاستراتيجي صارت قوَّة الدولة العثمانيَّة مضاعفة بالسيطرة على المضايق البحريَّة، وصارت طموحات السيطرة على موانئ البحر الأسود مشروعة وممكنة، وعلى المستوى الاقتصادي زادت إمكانات الدولة بشكلٍ مطَّرد، ويربط المؤرِّخ دونالد بيتشر Donald Pitcher بين سيطرة الدولة العثمانيَّة على المضايق والانتعاش الاقتصادي الكبير الذي أعقب فتح القسطنطينيَّة؛ وذلك بسبب الجمارك الكبيرة التي كانت تفرضها الدولة على السفن التجاريَّة الكثيرة التي تعبر من خلال المضايق[1].
إنَّ الذي يلفت النظر حقًّا في آثار فتح القسطنطينيَّة هو بداية توجُّه الدولة العثمانيَّة نحو إنشاء إمبراطوريَّةٍ عالميَّة، وليس مجرَّد دولةٍ قويَّةٍ في أوروبَّا، وهذا التوجُّه أعقبه تغييراتٌ جِذريَّةٌ في فكر الدولة، وطريقة إدارتها.
أمَّا أثر فتح القسطنطينيَّة في العالم الكاثوليكي الغربي فكان عظيمًا كذلك..
لقد كان هذا الحصار الأخير الذي قام به السلطان الفاتح هو الحصار الرابع والعشرون في تاريخ المدينة[2]، ولم تسقط المدينة في كل هذه الحصارات إلا مرة واحدة عام 1204م عندما احتلها اللاتين الكاثوليك، وحتى هذه المرة كانت دون اختراق عسكري حقيقي. وهذا يعني أنَّ سقوطها لم يكن متوقَّعًا، وهذا قد يُفسِّر التكاسل الأوروبِّي عن نصرة المدينة، على اعتبار أنَّ حصانتها ستمنع سقوطها، ولذلك كان خبر الفتح صادمًا لكلِّ الساسة الأوروبِّيِّين.
يُصوِّر بابينجر الحالة العامَّة في أوروبَّا عند سماع خبر النصر العثماني الكبير بقوله: «هذا التهديد المستمر، الذي ملأ نفوس الأوروبِّيِّين بالجزع، وأصاب بالشلل روح العزيمة عندهم- أدَّى إلى آثارٍ كارثيَّةٍ على الحياة الداخليَّة لكلِّ الأمم الأوروبِّيَّة»[3]!
هذه هي الحالة بشكلٍ عامٍّ، أمَّا التفصيلات ففيها أنَّ أوَّل الغرب معرفةً بالحدث كانت جزيرة كريت؛ فقد وصلتها السفن الكريتيَّة التي كانت في القسطنطينيَّة في 9 يونيو 1453م[4]، وكانت جزيرة كريت تابعةً للبندقيَّة في ذلك الوقت، فكانت قيادتها كاثوليكيَّة، بينما كان الشعب يونانيًّا أرثوذكسيًّا، وكان خبر سقوط القسطنطينيَّة صادمًا للجميع؛ فالبنادقة يخافون من أن تكون روما والبندقيَّة هما المحطَّة التالية للعثمانيِّين، واليونانيُّون في حزنٍ لسقوط معقلهم الرئيس، وضياع أملهم في النجاة من احتلال البندقيَّة لهم، وقد تدور الأيَّام وتُصبح كريت هدفًا للعثمانيِّين، وستتحوَّل قيادة جزيرتهم من الكاثوليك إلى المسلمين، فكانوا بذلك بين شقِّي الرحى! هذه الظلال الكئيبة التي شملت الجزيرة جعلت أهل كريت يكتبون منشورًا في أحد كنائسهم فيه: «لم يحدث -ولن يحدث- أمرٌ أكثر حزنًا من هذا السقوط»[5]!
وسرعان ما انتقل الخبر إلى ڤينيسيا Venice. هنا كانت الصدمة أكبر وأعظم! يقول المؤرِّخ الأميركي كينيث سيتون: «كان الناس في البندقيَّة ينتظرون الأخبار يوميًّا في شرفات منازلهم ونوافذها، حتى جاء يوم 29 يونيو 1453م عندما رست في الميناء سفينةٌ قادمةٌ من جزيرة كورفو التابعة للبندقيَّة تحمل رسائل من البنادقة في جزر بحر إيجة والبحر الأيوني. كان الناس بين الأمل والخوف، وكلُّهم ينتظر أن يسمع أخبارًا عن والدٍ، أو ابن، أو أخ. سُلِّمت الرسائل في مجلس الشيوخ البندقي.. سرعان ما انتشر الخبر: لقد سقطت القسطنطينية! ارتفع الصراخ والنحيب في كلِّ المكان، وظهرت الحركات العصبيَّة كفرك الأيادي، وضرب الصدور! البعض كان مترقِّبًا سماع خبر موت أحد الأقارب، والبعض كان حزينًا على فقد ممتلكاتٍ تجاريَّةٍ في البوسفور. في داخل مجلس الشيوخ البندقي، وبعد كلمات الرثاء والحزن، انقلب البكاء إلى تلاوم، وانطلق الجميع يلوم الحكومة البندقيَّة على تباطؤها في التعامل مع الأمر، ويتَّهمونها بالإهمال»[6]!
في اليوم التالي كتب مجلس الشيوخ البندقي إلى البابا في روما يُعلمه بالخبر، وكتب القناصل الإيطاليُّون بالبندقيَّة رسائل إلى كافَّة المدن الإيطاليَّة، ووصل الخبر إلى البابا في 8 يوليو، وكان تعليقه الأوَّل على الحدث: «هذا عارٌ للنصرانيَّة»! ثم قام من فوره بإرسال رسائل إلى عامَّة أقطار أوروبَّا حتى وصل الخبر إلى لندن[7]، على الرغم من كون إنجلترا منشغلةً في ذلك الوقت بفقدانها لمدينة بوردو Bordeaux لصالح الفرنسيِّين[8]، لكنَّ الخبر الصادم كان من الضروري أن يصل للجميع.
انتشر الخبر الصادم في العالم الغربي! كتب الكاردينال بيساريون Bessarion من بولونيا في إيطاليا إلى دوق البندقيَّة يشرح له حالة الفزع التي أصابت أوروبَّا كلَّها، ويُحذِّره من أنَّ الخطوة القادمة للأتراك هي صقلِّيَّة وإيطاليا[9]. انفجر إمبراطور النمسا فريدريك الثالث Frederick III في البكاء عند سماعه الخبر، ثم انعزل للدعاء والصلاة عدَّة أيَّام، ولكنَّه لم يأخذ ردَّ فعلٍ عسكريٍّ يُناسب الموقف، على الرغم من أنَّه يُعَدُّ أكبر شخصيَّةٍ قياديَّةٍ وسياسيَّةٍ ملزمة بالدفاع عن النصرانيَّة، ولقد حاول كبير قساوسته إنيا سيلڤيو بيكولوميني Enea Silvio Piccolomini، وهو الذي سيُصبح لاحقًا بابا الڤاتيكان تحت اسم بيوس الثاني Pius II، حاول هذا القس أن يدفعه إلى الحرب دون فائدة، ولعلَّ الإمبراطور كان مشغولًا بمشاكله الداخليَّة في وسط أوروبَّا، أو لا يُريد التضحية الكاملة من أجل أرثوذكس الشرق، ولكنَّ القسَّ بيكولوميني لم ييأس من محاولات تنشيط العالم الغربي لحرب المسلمين، ومِنْ ثَمَّ كتب خطابًا مطوَّلًا إلى البابا نيكولاس الخامس يدعوه للعمل على إنفاذ حملةٍ صليبية كبرى على الدولة العثمانيَّة، وكان ممَّا جاء في هذا الخطاب ما يلي: «صارت السيوف التركيَّة تحوم حول رءوسنا بالفعل! صار البحر الأسود مغلقًا أمامنا بالفعل! صارت الإفلاق الرومانيَّة في أيدي الأتراك بالفعل! قريبًا سيقومون بغزو المجر، وبعدها ألمانيا. بينما هم يفعلون هذا نعيش نحن في خلافٍ وعداوة. يحمل ملوك إنجلترا السلاح ضدَّ بعضهم البعض. نادرًا ما تعيش إسبانيا في سلام. لا تجد الدول الإيطاليَّة السلام أبدًا في ظلِّ سعيهم إلى الهيمنة والسيطرة. أيُّ شيءٍ أفضل من أن نُحوِّل جميعًا أسلحتنا إلى أعداء إيماننا؟! لا أستطيع أن أفكر في أنَّ هناك شيئًا أفضل يُمكن أن يشغل اهتمامك المقدس أيها الأب المقدَّس»[10]!
هذه الحماسة من هذا القسِّ تُفسِّر ما سيكون منه مستقبلًا من عداوةٍ تجاه السلطان محمد الفاتح، وسيكون من الذين يسعون إلى تهييج الحملات الصليبية على الدولة العثمانية عندما يرتقي كرسي الباباويَّة عام 1458م.
كانت آمال النصارى في الغرب معلَّقة على البندقيَّة، ففضلًا عن كونهم يملكون أقوى أسطولٍ في العالم؛ فهم يمتلكون كذلك الكثير من الجزر والموانئ القريبة من الدولة العثمانيَّة، وبالتالي يُمكن أن يقوموا بحربٍ شاملةٍ ضدَّ المسلمين، ومن هنا جاءت الخطابات من كلِّ مكان، ومن البابا، تدعو البنادقة إلى الحركة العسكريَّة ضدَّ العثمانيِّين، خاصَّةً أنَّ السلطان محمدًا الفاتح أعدم قنصل البندقيَّة لدى الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة بعد فتح القسطنطينيَّة، ويمتلك فوق ذلك أكثر من خمسمائة أسيرٍ بندقي، ومن هنا فالمفترض أن تكون العداوة على أشدِّها بين مجلس الشيوخ البندقي والعثمانيِّين، فماذا كان ردُّ فعل البنادقة؟!
إنَّه في الواقع جاء مخيِّبًا لآمال البابا والأوروبِّيِّين!
يُعلِّق على ذلك المؤرِّخ الألماني الشهير لودڤيج ڤون باستور Ludwig von Pastor بقوله: «نظر البنادقة إلى الحدث بنظرتهم الأنانيَّة المعتادة التي لا ترى إلَّا تحت أقدامهم، وكان همُّهم الأوَّل هو إنقاذ ما يُمكن إنقاذه في هذه اللحظة الحرجة، والحصول على وضعيَّةٍ أفضل من وضعيَّة بقيَّة القوى البحريَّة، وذلك بتأمين علاقةٍ مع الباب العالي العثماني، والحفاظ على بقاء تجارتهم على المستوى العالي نفسه الذي وصلت إليه قبل كارثة القسطنطينيَّة؛ لذلك لا ينبغي أن نُفاجأ إذا وجدنا أنَّ كلمات البابا وجدت عند البنادقة آذانًا صمَّاء، وبدلًا من إعلان الحرب المقدَّسة سعى مجلس الشيوخ البندقي إلى تجديد المعاهدة مع الدولة العثمانيَّة، وإلى التفاوض على إطلاق الأسرى، وفي الوقت نفسه أرسلوا أسطولًا لحماية جزيرتهم المهمَّة نيجروبونتي من التهديد العثماني»[11]!
هذا كان ردَّ فعل البندقيَّة، ولم تكن ردود أفعال بقيَّة الأقطار مختلفةً عن ذلك كثيرًا؛ فحزنهم العاطفي لم يكن دافعًا لهم إلى الحركة العسكريَّة على الدولة العثمانيَّة، ولقد أعلن البابا نيكولاس الخامس في سبتمبر 1453م -أي بعد سقوط القسطنطينيَّة بثلاثة شهورٍ تقريبًا- حربًا صليبيَّةً على الدولة العثمانيَّة، وحفَّز جميع نبلاء أوروبَّا على الاشتراك في هذه الحملة، ولكن اعتذر الجميع! تعلَّل إمبراطور النمسا وألمانيا فريدريك الثالث بنقص الأموال والعسكر، وتعلَّل ملك المجر لاديسلاس الخامس Ladislaus V بأنَّ لديه مشاكل مع القادة العسكريِّين في بلاده، أمَّا ملكا إنجلترا وفرنسا فقد اعتذرا لكونهما قد انتهيا توًّا من حرب المائة عام بين القطرين (1337- 1453م)، واعتذر ملك أراجون الإسبانيَّة ألفونسو الخامس بأنَّه بصعوبة يستطيع المحافظة على أملاكه في إيطاليا، ووعد دوق بورجاندي الفرنسيَّة فيليب -وهو أغنى أغنياء أوروبا- بتمويل حملةٍ صليبيَّة، ولكنَّه لم يُقدِّم إلَّا القليل[12]!
كان هذا التقاعس الأوروبِّي من تيسير ربِّ العالمين للدولة العثمانيَّة؛ لأنَّها كانت تحتاج إلى فترة راحةٍ بعد الجهد الضخم الذي بُذِل في فتح القسطنطينيَّة، وبعد الاستنزاف الكامل لطاقات الجيش العثماني، خاصَّةً أنَّ هناك الكثير من الجبهات ما زالت مفتوحة، والقلاقل السياسيَّة والعسكريَّة لن تنتهي في اليونان، وألبانيا، والإفلاق، بل في الأناضول نفسه.
وليس عجيبًا بعد هذا التخاذل الأوروبِّي أن نجد القوى الغربيَّة التي تُسيطر على ممتلكاتٍ في بحر إيجة تسعى جاهدةً لنيل رضا السلطان محمد الفاتح، ومرَّ بنا أنَّ البندقيَّة بدأت في مساعي إعادة العلاقات سريعًا بعد سقوط القسطنطينيَّة، أمَّا الچنويُّون حكَّام جزيرة خيوس في بحر إيجة فقد زاروا السلطان الفاتح في أدرنة في أغسطس 1453م، وقبلوا بدفع جزيةٍ تُقدَّر بستَّة آلاف دوكا ذهبيَّة كلَّ سنة[13]، وحذوا بذلك حذو جزر بحر إيجة الشماليَّة، التي كانت تُديرها عائلة جاتيلوسي كما مرَّ بنا، التي قرَّر الفاتح في الفترة نفسها أنَّ جزيتها ثلاثة الآف دوكا ذهبيَّة في العام[14].
كان الوحيدون من الكاثوليك في بحر إيجة الذين رفضوا دفع الجزية هم فرسان القديس يوحنا في جزيرة رودس، وتعلَّلوا بأنَّهم لا بُدَّ أن يأخذوا موافقة البابا على ذلك، ويبدو أنَّ الفاتح كان يُدرك أنَّ قدرات أسطوله العسكري غير كافيةٍ لغزو جزيرة رودس، خاصَّةً أنَّ قلعتهم تُعَدُّ أشدَّ القلاع تحصينًا بعد القسطنطينيَّة؛ فقَبِلَ منهم ذلك، ولم يسعَ إلى التصعيد[15]، ولكنَّه أدرك أنَّ هذه الجزيرة ستُمثِّل إحدى التحدِّيَّات الكبرى أمامه في فترة حكمه القادمة.
هذه كانت ردود الفعل على مستوى العالم الكاثوليكي..
فماذا عن العالم الأرثوذكسي؟!
كان ردُّ فعل الأرثوذكس عكسيًّا لِمَا كان متوقَّعًا!
لم نشهد في الأقاليم والأقطار الأرثوذكسيَّة -داخل الدولة العثمانيَّة، أو المحيطة بها- أيَّ نوعٍ من العداء، أو إعلان الرفض لسقوط القسطنطينيَّة، وليس هذا بالطبع عن قناعةٍ بالوضع الجديد، ولكن بسبب فارق القوَّة الكبير الذي ظهر بعد نجاح العثمانيِّين في فتح المدينة الحصينة، ولذلك رضخ الجميع في سكون، وقبلوا بدفع الجزية دون اعتراض، واستقبل سراي السلطان في أدرنة في شهر أغسطس سفراء الأرثوذكس في المنطقة، وحُدِّدت في هذه المقابلات قيمة الجزية السنويَّة في مقابل سيادة الدولة العثمانيَّة، ودفاعها عنهم، فكانت الجزية على أمراء المورة اليونانيَّة -وهم إخوة الإمبراطور الراحل قُسطنطين الحادي عشر- عشرةَ آلاف دوكا ذهبيَّة[16]، وكانت جزية مملكة طرابزون ألفي دوكا ذهبيَّة[17]، ومملكة طرابزون هي من بقايا الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة، وكان يرأسها إمبراطورٌ مستقلٌّ هو چون الرابع John IV، أمَّا إمارة صربيا فقد كانت الجزية المقرَّرة عليها اثني عشر ألف دوكا ذهبيَّة، وقد قام أميرها چورچ برانكوڤيتش بالإضافة إلى ذلك بدفع فدية مائة من الأسارى لدى الدولة العثمانيَّة[18].
أمَّا الأرثوذكس الذين يعيشون في داخل الدولة العثمانيَّة، مثل أرثوذكس بلغاريا، أو شمال اليونان، أو مقدونيا، أو الأناضول، فقد قَبِلوا بالوضع الجديد دون اضطراب، وكان الهدوء العام هو السمة الرئيسة التي أعقبت فتح القسطنطينيَّة.
يبقى أن نعرف ردود الفعل في العالم الإسلامي، والواقع أنَّ الخبر كان مُفْرِحًا بدرجةٍ كبيرة؛ حيث تحقَّق نجاحٌ سعى وراءه المسلمون أكثر من ثمانية قرون، وتحقَّقت بشارة نبويَّة عظيمة، وقد كانت دولة المماليك -ومقرها القاهرة في مصر- أهمَّ دول العالم الإسلامي آنذاك، فأبْدَتْ سعادةً غامرةً لهذا الحدث، وقام سلطانها الأشرف إينال -وهو من أفضل سلاطين المماليك وأورعهم- بإقامة الاحتفالات في القاهرة لمدَّة ثلاثة أيَّام، ووزَّع الكثير من الصدقات فرحًا بهذا النصر[19].
استغلَّ الفاتح هذا النصر العظيم لوضع الدولة العثمانيَّة في مكانةٍ جديدةٍ في العالم الإسلامي، فهي لم تعد بعد هذا الفتح مجرَّد دولةٍ من دُوَلِه؛ إنَّما صارت دولةً رائدةً وقائدة، بل ممثِّلة -إلى جوار دولة المماليك- للعالم الإسلامي، ولقد حرص الفاتح على إبراز هذا المعنى، فأرسل رسالةً مطوَّلةً إلى السلطان المملوكي إينال يُبشِّره بالنصر الكبير، ويبثُّ له مشاعر التوقير والحب، لكنَّه في الوقت نفسه يُشير إلى الوضع الجديد الذي وصلت إليه الدولة العثمانيَّة، وأنَّها صارت إحدى موازين القوى المؤثِّرة في العالم الإسلامي؛ فبعد أن مدح السلطانُ الفاتحُ سلطانَ مصر بمدائح كثيرة، أظهر سعادته بأنَّ التعاون بين الدولتين -الدولة العثمانيَّة ودولة المماليك- قائمٌ ومستمر، وذكر كلمةً تُوحي بأنَّ الدولتين صارتا متساويتين في القدر والمكانة، فقد قال: «هذا وإنَّ الولاء والمواصلة بين مَنْ تكفَّل بمؤنة إحياء نُسُك الحجِّ للعباد، وبين مَنْ تحمَّل بمشاقِّ تجهيز أهل الغزو والجهاد كما هو متوارثٌ من الآباء والأجداد... »[20].
هكذا -كما يقول الباحث القبرصي ستاڤريديس Stavrides- وَضَعَ الفاتح دولته على قدم المساواة مع أعرق الدول الإسلاميَّة في زمانه[21].
لم يكن هذا التطوُّر في توصيف الدولة العثمانيَّة مزعجًا لدولة المماليك في هذا التوقيت؛ لاعتباراتٍ كثيرة؛ منها: ضخامة الحدث، وتوقُّع أن تكون هناك لغة فخرٍ مقبولةٍ نتيجة النجاح الكبير، ومنها اختلاف ساحة العمل لكلٍّ من الدولتين؛ فالدولة العثمانيَّة تُقاتل في أوروبَّا، ودولة المماليك تفرض سلطانها على شمال شرق إفريقيا وغرب آسيا بعيدًا عن ميادين عمل العثمانيِّين، ومنها ورع السلطان إينال وعاطفته الإسلاميَّة الجيَّاشة، ومنها تأدُّب السلطان الفاتح مع السلطان إينال وخطابه له بصفة الابن الذي يُخاطب والده. هذه العوامل جعلت الأمر مقبولًا، ولهذا جاء ردُّ فعل السلطان إينال على السلطان الفاتح هادئًا ومريحًا، وكان ممَّا قاله في رسالته: «أصدرنا هذه المفاوضة إلى المقرِّ الكريم، مهنِّئةً له بهذا الفتح الذي ادَّخره االله لأيَّام سعده، وهذا النصر الذي مَنَّ اللهُ تعالى به على المسلمين، وما النصر إلَّا من عنده»، وقال في موضعٍ آخر: «وانتهينا إلى ما أشار إليه ممَّا يسَّره الله تعالى له من فتح القسطنطينيَّة العظمى، وما خصَّه اللهُ به من آيات النصر، ومنحه به من ألطافه الخفيَّة، وفهمنا ذلك مجملًا ومفصَّلًا، ومفرَّعًا ومؤصَّلًا، وكرَّرنا حمد الله عز وجل على ما منَّ به من هذا الفتح المبين، وهذه النعمة التي تتضمَّن تثبيت قلوب المتَّقين على اليقين، وإعلاء كلمة التوحيد على الملحدين...»[22]. ولعلَّنا نُلاحظ في كلمات السلطان إينال رحمه الله الروح الإسلاميَّة الراقية التي تردُّ النصر إلى الله عز وجل، وتجعل الغاية من الجهاد هي إعلاء كلمة الإسلام، ولعلَّه أراد كذلك أمرًا تربويًّا خاصًّا بالسلطان الفاتح؛ حيث يُنبِّهه إلى عدم الاغترار بهذا النصر، إنَّما عليه أن ينسبه إلى الله المـُنعِم، وأن يتواضع به لله سبحانه.
هكذا صار وضع الدولة العثمانيَّة في العالم بعد فتح القسطنطينيَّة!
فزعٌ وترقُّبٌ في الغرب الكاثوليكي..
خضوعٌ وقبول سيادةٍ للأرثوذكس في شرق ووسط أوروبَّا..
علوُّ شأن، وظهورٌ مؤثِّرٌ في العالم الإسلامي..
وبداياتٌ واضحةٌ لتوجُّه الدولة العثمانيَّة نحو تكوين إمبراطوريَّةٍ عالميَّة..
إنَّ فتح القسطنطينيَّة كان حدثًا فارقًا بالفعل!
ولقد رأى كثيرٌ من العلماء أنَّ هذا الفتح الكبير يُمكن أن يُعَدَّ فارقًا بين العصور الوسطى والعصور الحديثة؛ كأنَّ البشريَّة قد دخلت طورًا جديدًا تمامًا بعده، وقد يرجع ذلك إلى عدَّة عوامل مجتمعة؛ منها ترسُّخ الوجود العثماني في أوروبَّا بعد هذا الفتح ممَّا أثَّر في تاريخ المنطقة والعالم لخمسة قرونٍ لاحقة، ومنها استخدام وسائل حديثة كالمدافع العملاقة وقذائف الهاون ممَّا دفع حروب الدنيا إلى طُرُقٍ جديدةٍ لم تكن موجودةً قبل ذلك، وهذا قلَّص كثيرًا من دور الأسوار التقليديَّة التي كانت عماد فكرة الدفاع عن المدن؛ حيث صارت فكرة الأسوار هذه فكرةً بدائيَّةً لا معنى لها؛ ومِنْ ثَمَّ أخذت حروب الأرض شكلًا جديدًا بعد فتح القسطنطينيَّة، ومنها هجرة كثيرٍ من علماء بيزنطة إلى إيطاليا بعد فتح المدينة، ممَّا كوَّن نواة النهضة الإيطاليَّة ثم الأوروبِّيَّة، وهذا أعطى المرحلة التاريخيَّة التي أعقبت تحرُّك هؤلاء العلماء من القسطنطينيَّة واليونان إلى إيطاليا وفرنسا شكلًا مختلفًا للغاية، ومنها تغيُّر سياسة أوروبَّا الغربيَّة ووسط أوروبَّا من الناحية العسكريَّة والدبلوماسيَّة؛ لأنَّهم كانوا يعتمدون تمامًا على القسطنطينيَّة في وقف الزحف الآسيويِّ على أوروبَّا، سواءٌ كان هذا الزحف فارسيًّا، أم مغوليًّا، أم إسلاميًّا، على اختلاف المراحل التاريخيَّة، أمَّا الآن وبعد سقوط القسطنطينيَّة انتقلت مهمَّة الدِّفاع عن أوروبَّا إلى بلجراد وڤيينا وبودابست، وهي مناطق في عمق أوروبَّا، ممَّا يُمثِّل خطرًا كبيرًا على أمن أوروبَّا الغربيَّة، وقد دفعهم هذا إلى تغييراتٍ كبيرةٍ في سياساتهم، ودبلوماسيَّاتهم، وطرقهم العسكريَّة؛ بل علاقاتهم التجاريَّة والاجتماعيَّة وغيرها.. لقد تغيَّر كلَّ شيءٍ بعد سقوط القسطنطينيَّة، وهذا الذي جعل العلماء يعدُّونها لحظةً فارقةً في تاريخ الإنسانيَّة!
وتأكيدًا لهذا المعنى، أُقيم في لندن في 29 مايو 1953م -أي في الذكرى الخمسمائة لفتح القسطنطينيَّة- مؤتمرٌ كبيرٌ لمناقشة هذا الحدث الكبير، وقد تقدَّم في هذا المؤتمر خمسة من أساطين التاريخ في العالم آنذاك بورقةٍ علميَّةٍ يُؤكِّدون فيها على أنَّ فتح القسطنطينيَّة هو الحدث الفارق بين العصور الوسطى والعصور الحديثة، وهؤلاء الخمسة هم: المؤرِّخ الإنجليزي استيڤين رنسيمان Steven Runciman، والمؤرِّخ الإنجليزي الأميركي برنارد لويس Bernard Lewis، والمؤرِّخ النمساوي بول ويتيك Paul Wittek، والمؤرِّخ الألماني نيكولاي روبينشتاين Nicolai Rubinstein، والمؤرِّخ الإنجليزي رينالد بيتس Reginald Betts[23]. هذه الورقة لا تعني أنَّ هؤلاء هم من حدَّدوا هذا الحدث ليكون فارقًا بين العصور الوسطى والعصور الحديثة، ولكن تعني أنَّ علماء العصر الحديث بعد دراسةٍ وتمحيص، ورؤيةٍ للآثار والنتائج، أكَّدوا على أمرٍ مثَّل جدلًا واسعًا بين علماء التاريخ، وهي اختيار النقطة الفارقة بين العصور المبكرة والعصور الحديثة، ومنهم على سبيل المثال المؤرِّخ الألماني يوهان إيشينبرج Johann Eschenburg، وهو من علماء القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، الذي قسَّم التاريخ إلى ثلاثة مراحل: المبكرة؛ وهي ما قبل سقوط روما عام 476م، والوسطى؛ وهي ما بين سقوط روما 476م، وسقوط القسطنطينيَّة عام 1453م، والحديثة؛ وهي ما بعد سقوط القسطنطينيَّة إلى الآن[24].
ومع كلِّ هذا فإنَّني أعُدُّ الانتقال من مرحلةٍ تاريخيَّةٍ كبرى كالعصور الوسطى إلى مرحلةٍ تاريخيَّةٍ أخرى كالعصور الحديثة، لا يُمكن أن يكون نتيجة حدثٍ واحدٍ في مكانٍ محدودٍ من العالم؛ إنَّما الواقع هو نتيجة تفاعل مجموعةٍ من الأحداث سويًّا، وعلى مدار عدَّة سنوات، بل يُمكن أن تكون عدَّة عقود؛ فاختراع البارود الذي استُخْدِم في فتح القسطنطينيَّة لم يكن بين يومٍ وليلة، إنَّما سبق الفتح بعشرات السنين، والأحداث المتزامنة مع فتح القسطنطينيَّة -وهي لا ترتبط به بشكلٍ مباشر- أحداثٌ كبرى كذلك يُمكن أن يكون لها أثرٌ مباشرٌ في تغيير المرحلة التاريخيَّة، وذلك مثل السعي لاكتشاف طرقٍ جديدةٍ في المحيطات تصل بين أوروبَّا والشرق الأقصى، ومثل اكتشاف الأميركتين، ومثل تطوُّر العلوم بشكلٍ مذهلٍ في إيطاليا، ثم في فرنسا وبقيَّة الأقطار الأوروبِّيَّة، فيما عُرِف بعصور النهضة، والخروج من هيمنة الكنيسة في الغرب، وسقوط الأندلس المسلمة، وظهور إسبانيا كقوَّةٍ بحريَّةٍ عملاقة، وظهور القوميَّات الأوروبِّيَّة بدايةً من البرتغال، ومرورًا ببقيَّة القوميَّات؛ كلُّ هذه أحداثٌ تزامنت مع فتح القسطنطينيَّة، وكان لها أثرٌ كبيرٌ في تغيير المرحلة التاريخيَّة، ومِنْ ثَمَّ فتحديد نقطةٍ فاصلةٍ معيَّنة، وتاريخٍ دقيقٍ كعام 1453م، هو من قبيل العمل الأكاديمي فقط، ولتسهيل الدراسة والفهم على العلماء وطلبة العلم، لكن على أرض الواقع ينبغي أن تكون الرؤية أوسع وأشمل.
هذا لا يُقلِّل بالطبع من شأن الحدث الكبير؛ فهو نقطة تحوُّلٍ حقيقيَّة، ولحظةٌ من اللحظات التي حدَّدت مصير الكثير من القوى المؤثِّرة في أوروبَّا بشكلٍ عامٍّ، وفي شرقها بشكلٍ خاص، بل لعلَّه كان أحد الأمور التي رسَّخت قناعات المسلمين بأنَّ الدولة العثمانيَّة لها حقُّ الريادة في العالم الإسلامي، ومِنْ ثَمَّ يُمكن أن يُعَدَّ هذا الفتح مُمَهِدًا بشكلٍ أو آخر لعمليَّة ضمِّ الأقطار الإسلاميَّة المختلفة، خاصَّةً مصر والشام، إلى الدولة العثمانيَّة، مع أنَّ هذا الضمَّ لم يتم إلَّا بعد أكثر من ستِّين سنةً من فتح القسطنطينيَّة.
خلاصة القول: إنَّ الآثار المترتِّبة على فتح القسطنطينيَّة لا يُمكن حصرها في مقال أو في فصلٍ من فصول كتاب، أو حتى في كتابٍ كامل، وإنَّنا كلَّما توسَّعنا في دائرة البحث، أو شملنا بنظرتنا نطاقًا أرحب من الزمان والمكان، وجدنا أنَّ الآثار متجدِّدة، والنتائج كثيرة ومهمَّة، ولا أُبالغ إن قلتُ: إنَّه مع كلِّ اكتشافٍ لمصدرٍ جديدٍ من المصادر التاريخيَّة الكثيرة التي لم تُحقَّق بعد، سواءٌ من المصادر التركيَّة أم الغربيَّة، فإنَّنا سنكتشف آثارًا جديدةً للبحث، ممَّا يجعله من أكثر الأحداث ديناميكيَّةً في تاريخ الدنيا![25].
[1] Pitcher Donald Edgar An historical geography of the Ottoman Empire from earliest times to the end of the sixteenth century with detailed maps to illustrate the expansion of the Sultanate [Book]. - Leiden : E. J. Brill, 1973., p. 84.
[2] Crowley Roger The Guns of Constantinople [Article] // MI: Military History Magazine. - [s.l.] : Ann Arbor, 2007. - September.
[3] Babinger Franz Mehmed the Conqueror and His Time [Book]. - [s.l.] : Princeton University Press, 1978., p. 98.
[4] Nicol Donald M Byzantium and Venice: A Study in Diplomatic and Cultural Relations [Book]. - New York, USA : Cambridge University Press, 1992., p. 405.
[5] Palmer Alan The Decline and Fall of the Ottoman Empire [Book]. - London, UK : Faber And Faber, 2011., p. 1.
[6] Setton Kenneth Meyer The Papacy and the Levant, 1204-1571: The fifteenth century [Book]. - [s.l.] : American Philosophical Society, 1976, vol. 2, p. 138.
[7] Freely John The Grand Turk: Sultan Mehmet II, Conqueror of Constantinople and Master of an Empire An Empire And Lord Of Two Seas [Book]. - New York : The Overlook Press, 2009., p. 49.
[8] Palmer Alan The Decline and Fall of the Ottoman Empire [Book]. - London, UK : Faber And Faber, 2011., p. 1.
[9] Freely, 2009, p. 57.
[10] Babinger, 1978, p. 121.
[11] Pastor Ludwig Freiherr The History of the Popes, from the Close of the Middle Ages [Book]. - London : Kegan paul, 1891, vol. 2, p. 280.
[12] Feldman Ruth Tenzer The Fall of Constantinople [Book]. - Minneapolis, MN, USA : Twenty-First Century Books, 2007., 2007, pp. 106-107.
[13] Babinger, 1978, p. 103.
[14] Panaite Viorel The Ottoman Law of War and Peace: The Ottoman Empire and Tribute Payers [Book]. - [s.l.] : East European Monographs, 2000., p. 152.
[15] Freely, 2009, p. 51.
[16] Setton, 1976, vol. 2, p. 161.
[17] Freely, 2009, p. 51.
[18] Babinger, 1978, p. 103.
[19] ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة في تاريخ مصر والقاهرة - مصر: وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دار الكتب، ۱۹۳۹م الصفحات 1/70-71.
[20] فريدون بك، 1848م الصفحات 1/ 235-238.
[21] Stavrides Theoharis The Sultan of vezirs : the life and times of the Ottoman Grand Vezir Mahmud Pasha Angelovic (1453-1474) [Book]. - Leiden : Brill Academic Publishers, Inc, 2001., p. 20.
[22] فريدون بك، 1848م الصفحات 1/ 238، 239.
[23] Babinger, 1978, p. 98.
[24] Eschenburg Johann Joachim Manual of Classical Literature [Book]. - Philadelphia, PA, USA : Key and Biddle, 1836, 1836, p. 635.
[25] دكتور راغب السرجاني: قصة السلطان محمد الفاتح، مكتبة الصفا، القاهرة، الطبعة الأولى، 1441ه= 2019م، 1/ 312- 322.
التعليقات
إرسال تعليقك